الحِل والربط من واقع تقليد الكنيسة والليتورجية والصلوات الكنسية – سلطان الحلّ والربط
الحِل والربط من واقع تقليد الكنيسة والليتورجية والصلوات الكنسية
يمكن لنا أن نستخرج بوضوح من خلال تقليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المتمثل في ليتورجيتها وصلواتها وتعاليم آبائها القديسين مُعلمي الكنيسة المعتَبَرين فيها الآتي :
* مغفرة الخطايا لا تصدر من ذات شخص الكاهن أو الأسقف بأي شكل أو وضع أو بأي حال ، لأن الخطية هي موجهة في الأساس نحو العلاقة مع الله محب البشر وليس مع إنسان ، لذلك فطلب المغفرة يُلتمس لا من شخص الكاهن ، بل من شخص المسيح له المجد نفسه ، الذي له وحده السلطان أن يغفر الخطايا …
* والكاهن يطلب من الله هذا الغفران ( وليس هو من يمنحه ) وذلك بالصلاة التي يرفعها إلى المسيح – له المجد – يطلب فيها الحِل والمغفرة لنفسه وللشعب استناداً على حقيقة الخلاص : ” أن المسيح سبق وأن قطع كل رباطات خطايانا ” ، لذلك فهو – أي الكاهن – يلتمس من المسيح بصيغة المتكلم الجمع وليس باسم نفسه كفرد قائلاً :
( الخولاجي المقدس صفحة 82 – 87 )
* نلاحظ أن الحِل والمغفرة في بدء القداس الإلهي ليسا العمل المطلق للكاهن بمعزل عن الكنيسة الجامعة الحاضرة والسابقة عليه ، بل هو يصدر الحِل من : فم الثالوث القدوس أولاً ، ثم من فم الكنيسة الجامعة ( أي الكنيسة جسد المسيح الممتد عبر الأجيال كلها ) ، ثم من فم الرسل الأطهار وآباء الكنيسة القديسين السابقين ، وأخيراً من فم الكهنة الحاضرين ( تحليل الخدام – الخولاجي المقدس صفحة 127 – 131 )
+ الذي يغفر هو : الثالوث القدوس – له كل المجد والكرامة – ومن خلال الكنيسة الجامعة ( أي الكنيسة على الأرض وفي السماء إذ لا مفارقة بينهما لأنهما واحد ، أعضاء المسيح المكرمة جداً ) ، فالله الثالوث هو الذي يمنح الحِل لشعب الله الحاضر ، بفم الكاهن ، لتستطيع الكنيسة المجتمعة أن تتقدم وتحتفل بسرّ ذبيحة المسيح ليتناول منها المؤمنون وهم محاللون ومتصالحون مع الله ومع بعضهم البعض ، خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لهم .
هذا هو طقس نوال شعب الله عطية الغفران والحياة الأبدية في هذا المحفل المقدس الذي يجمع السمائيين والأرضيين معاً أمام عرش الله في السماء حول ذبيحة الحمل ( رؤ5: 6 – 14 ) ، ورأس الكنيسة في السماء الرب يسوع المسيح الجالس في يمين العظمة في الأعالي ( عب1: 3 ) .
* ولنا أن نعرف أن الانسحاق أمام الله بالصلاة هو المجال الصحيح الذي يُمارس فيه الكاهن أو الأسقف ، سلطان الحٍل والربط ( وبخاصة أثناء أعطاء الحِل في سرّ التوبة والاعتراف ) ولنتأمل في صلاة الكاهن قبل أن يُشرع في إجراء سرّ المعمودية :
[ يقول الكاهن سراً عن نفسه وهو منطرح على الأردن ( جرن المعمودية ) : أيها الرحيم الرؤوف المتحنن ، فاحص القلوب والكُلى ، الذي تعرف خفايا البشر وحدك ، وليس شيء من أمور البشر غير ظاهرة أمامك ، بل عُراة كلهم ، ومذلولي الأعناق أمامك .
يا من تعرف الأشياء الأخرى التي لي ،
لا تمقتني ولا تصرف وجهك عني ، بل لتهرب عني في هذه الساعة جميع سيئاتي ، يا من يغفر خطايا البشر ويُقبل بهم إلى التوبة ، إغسل دنس نفسي وجسدي ، وطهرني بالكمال ، بقوتك غير المرئية ويمينك الروحية ،
لكي إذا ما قرأتُ تحليلاً يطلبون مني أن أعطية لهم ، الذي هو الإيمان الذي هيأَتْه عظم محبتك للبشر التي لا يُنطق بها ، لا أكون أنا مُداناً كعبد للخطية . كلا أيها السيد الذي بلا خطية وحده ، الصالح وحده ، المحب للبشر ، الذي لا يُرجعنَّ المذلول خازياً ؛
بل كُن لي غافراً
وأرسل قوتك من عُلُوَّك المقدس ، وقوَّني لكي أعمل خدمة هذا السرّ العظيم السمائي … ]
( وسوف نستكمل الموضوع في موضوع آخر باسم : المفهوم الصحيح للحٍل والربط في الكنيسة الأرثوذكسية )